IMG_1882.JPG
[يخفي] (99.6KB, 1170x1145) بسم الله الرحمن الرحيم, جعل الأيام دولا و الأحوال متحولة, و الترف بابا للفسوق و الانحطاط, و الفسوق و الانحطاط بابا للهلاك. أما بعد:
إن الشاطر يتعلم من أخطاءه, و العبقري من أخطاء غيره, و إن في كتب التاريخ و الاجتماع لعبر و دروس في أحوال الدول كيف تظهر و تفنى, و كيف أن في أول الدولة تكون بدوية غضّة لا يتمكن منها الترف و الفسق و مخارم المروءة, فيكون جيلها الأول خير أهلها شيما و مروءة و أخلاقا, إذ هم حديثو عهد ببداوة فليس فيهم من ترف الحضارة المذهب للمروءة الماحق للرجولة, و لم تمكن منهم الأحكام القاهرة الكاسرة للبأس.
حتى إذا فنى الأول و الثاني, ورث الدولة الثالث و الرابع, و فيهما حلول انحطاط الدولة إذ حينها الحضارة تأصلت بنفوسهم, و تمكن منهم الترف و المجون و خرمت مروءتهم, و طالتهم الأحكام القاهرة فكسرت بأسهم.
و هذا الإيجاز فيما فصلته تلك العلوم, أوردته لتملك خلفية في حقيقة ما هو حاصل في البلاد السعودية مما كان أهلها ليستنكرونه أضرى استنكار في الأيام الخوالي؛ توهّن المروءة, تضعضع الرجولة, تسفّه الرجال, تجسّر النساء, تفحّش المجالس, اضمحلال العصبية فالكل سواء عيال على السلطان فوقهم يسوقهم كيفما شاء. هذا في أبوابٍ تُدرس في الشهور و ما و طرحنا إلا ما تيسر.
فما ترون يا أيها الإخوة في نجاة دولتنا هذه و صلاح أهلها؟, فإني والله لأميل إلى أن يُهدم البنيان فيبنى بقاعدة جديدة و جيل جديد و دولة جديدة لا تحيد عن كينونتها
و أختم بقوله تعالى: وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا الإسراء 16